الجمعة، 18 يوليو 2014

فلسطين والوعد المشؤوم/ المهدي بن أحمد طالب

لا شيء في الوجود يمكن أن يوصف بالبشاعة أكثر من سفك الدماء وإزهاق الأرواح دون مبرر منطقي مقنع ،،، كيف لإنسان سوي يملك قلبا وعاطفة ولديه إحساس وشعور يمكنه أن يحتفل ويرقص ويغني ويتبادل قصص الغرام والحب ويزف رسائل الود ويتبادل الورود الحمراء على مسرح أرض مهّدت جنباتها بجثث الأطفال والنساء ؟ إنّها السادية والشذوذ وجنون البقر !

مما يزيد الحرب الصهيونية وما تحمله من ألغام وأنغام على الفلسطينيين هو طابعها الديني الذي يغذيها، ذلك أنّ اليهودي المتدين في معتقده أنّ الأميين ما هم إلا همج رعاء خلقوا ليتفكّه بهم ويفعل ما شاء دون حسيب أو رقيب. 

لقد شهد عالم الحروب - الذي نعيشه اليوم  - حروبا قذرة وأشدُّها جرما وقذارة تلك الحروب التي تكون على أساس عرقي أو ديني كما في مجزة سريبرينيتسا في البوسنة على يد الصرب والتي راح ضحيتها ثمانية آلاف مسلم ولم تكن الأمم المتحدّة عن ذاك ببعيد.

في بورما قُدّر لشعب أعزل يسمى الروهنجيا أن يأخذ قسطه من العذاب والتنكيل والتشريد وكل ما تحمله كلمة عذاب على يد جماعة من البوذيين القاطنين بين الهند والصين الشعبية على خليج البنغال، وقدّر لهم - كذلك - أن يكونوا عبرة لكل بوذي تسوّل له نفسه اعتناق ديانة تسمى الإسلام ولم تكن المملكة المتحدة البريطانية عن كل هذه الأوزار ببعيد. 

وحين يزدلف بنا التاريخ شيئا فشيئا ونصل إلى قصة القصص وحكاية الحكايات ونقف على أطلال بيت المقدس نجد أنّ كل الحروب القذرة تجد نفسها صاغرة حين نقارنها بالإبادات الجماعية التي تمارس على شعب وجد نفسه دون أن يعرف السبب في رقعة قُدّر لها أن تكون هكذا... نعم هكذا.

في سنة 1917م وعد وزير خارجية المملكة المتحدة البريطانية - حينها - آرثر جيمس بلفور الشعب اليهودي في أصقاع المعمورة بأرض تكون ملكا لهم ولأبنائهم وإلى الأبد وحرام على جميع سكانها الأصليين من أميي الشام وحتى إن تطلب الأمر شطب حقائق التاريخ وتغيير معالم الجغرافيا فالأمر ممكن شريطة أن يتجنّب الشعب اليهودي التفكير في اعتلاء عرش عاصمة الضباب.

إنّ إعجاب بلفور بشخصية الصهيوني حاييم وايزمان جعله يسخّر كل طاقات المملكة المتحدة لإرضائه والسير في ما يهواه ويتمناه وبما أنّ إنشاء دولة ذات تاريخ وجغرافيا يستحق الكثير والكثير، قام بتأسيس جامعة عبرية خاصة بأبناء الشعب اليهودي في مدينة القدس، تكون مهمتها هي سبر أغوار التاريخ وتغيير معالمه في أرض النبوة والرسالات.

إنّ الوعد الذي منحه بلفور للشعب اليهودي هو عطاء من لا يملك لمن لا يستحق، فدولة فلسطين حينها تابعة للخلافة الإسلامية العثمانية وقد امتنع عبد الحميد الثاني حينها من إغراءات اليهود مقابل السماح لهم بقطع أرضية في فلسطين، وقال لمؤسس الصهيونية هرتزل: إنكم لو دفعتم ملء الدنيا ذهبًا، فلن أقبل، إن أرض فلسطين ليست ملكي إنها ملك للأمة الإسلامية وإن مت فخذوها دون مقابل.

لقد رفض عبد الحميد الثاني التنازل عن أي شبر من فلسطين لليهود وحتى إن تطلب الأمر زوال الدولة العثمانية، الأمر الذي حصل بعد سياسة الرجل المريض التي حوصر بها عبد الحميد وقسّمت أرضه وفق مخطط سايكس بيكو.
 المهدي بن أحمد طالب/ كاتب وباحث في الفكر الإسلامي 
-----------  
يتواصل

0 التعليقات:

إرسال تعليق